“بعد ظهر يوم عصيب!”
Dogday Afternoon!
2/5/1990
أعزائي المشاهدين مساء الخير…
أحييكم أطيب تحية وأرحب بكم مع حلقة جديدة من برنامج “نادي السينما”. فيلم الليلة، من إنتاج عام 1975، مبني على حادثة حقيقية تروي لنا وقائع ما دار بعد ظهر يوم عصيب في فرع بنك تشيز مانهاتن في بروكلين، نيويورك، وبالتحديد بعد ظهر اليوم الثاني والعشرين من أغسطس عام 1972.
وقد كوفئ السيناريو الممتاز لفرانك بيرسون بجائزة أوسكار أحسن سيناريو في عام 1975. كما رشح الفيلم للفوز بأوسكار أحسن فيلم وأحسن مخرج لسيدني ليوميت، وأحسن ممثل لآل باتشينو، وأحسن ممثل مساعد لكريس سارناندون الذي يقوم بدور ليون.
مخرج “بعد ظهر يوم عصيب” سيدني ليوميت (الذي ولد في عام 1924) قدمناه من قبل مع أفلامه “اثنا عشر رجلًا غاضبًا” و”طائر النورس” و”شبكة التليفزيون”، والسمة الفريدة التي يتميز بها هذا المخرج هي أنه على الرغم من شهرته، فقد عمل في السينما على نحو محير متبعًا خليطًا من الأساليب ومقتبسًا سيناريوهاته عن أعمال كتاب مثل ماري ماكارثي وأجاثا كريستي وأنتون تشيكوف وإيرا لينين وهكذا أصبح من المستحيل تقريبا التنبؤ، عندما يعلن عن إنتاج جديد له، عما إذا كان الفيلم القادم إنتاجًا رئيسيًا له يحمل بصمته أم مجرد فيلم عادي متقن الصنع. وفوق ذلك فإنه على الرغم من التنويع (في الأسلوب بمعنى عدم الثبات على أسلوب سينمائي معين) – بالرغم من التنويع الذي يتهم به عن حق فإنه في أفضل أعماله قد حاول أن يكون ذاتيًا ومثيرًا للاهتمام ومعبرًا عن جذوره في الساحل الشرقي كنيويوركي أصيل – فلم يخرج فيلمًا مطلقًا في هوليوود أو كاليفورنيا. ثم هناك هذه الخاصية التي لم يستطع حتى ناقدوه إلّا الاعتراف بها وهي موهبته في توجيه الممثلين. ويشير إليه شون كونري دائمًا على أنه أحب المخرجين إليه، كما وصفته الممثلة الفرنسية الراحلة سيمون سينيوريه بقولها: “إن لديه طاقة خيالية، وهو متفائل ولطيف ويحب الممثلين”. بيد أن أكبر خيبات الأمل في عمله تتمثل في غياب الاستمرارية، غياب التطور فالأفلام التي يصنعها الآن كان يمكن أن يخرجها في الستينيات والعكس صحيح.
ولحسن الحظ فإن ما سنشاهده الليلة هو واحد من أفضل أعمال ليوميت.
لنشاهد ماذا حدث “بعد ظهر يوم عصيب” ولنا لقاء بعد الفيلم إن شاء الله.
شكرًا لكم.
Film
أهلًا ومرحبًا بكم مرة أخرى أعزائي المشاهدين…
على ملصقات الفيلم كنت تقرأ هذه العبارات:
“لم تكن السرقة لتستغرق عشر دقائق. بعد أربع ساعات تحول البنك إلى فقرة في سيرك. بعد ثماني ساعات احتل الحادث مقدمات التغطية الإخبارية التليفزيونية. بعد اثنتي عشرة ساعة أصبح الأمر كله تاريخًا ماضيًا، وهذا كله قصة حقيقية.”
كان حقيقيًا أيضًا أن يكون البطل محاربًا سابقًا في فيتنام وأن يصيح مع ذلك في لحظات الذروة: كلنا مسلّون. فسيدني ليوميت يحاول بصدق شديد أن يمزج بين الواقعية والكوميديا السوداء مع تعليق قوي على العصر الماكلوهاني (نسبة إلى عالم الاتصال الكندي مارشال ماكلوهان ورؤيته للتليفزيون). وهو عصر يخلق في التو استعراضًا تلفزيونيا حيًا مما اعتدنا معرفته باسم: الحياة.
مثير للدهشة في نظر الناقد جيمس موناكو الفهم الذي يقدمه الفيلم للطريقة التي يتحدث بها الناس وللكيفية التي يسلكون ويفكرون بها في المدينة. ويعتبر الفيلم بمثابة بنك معلومات اجتماعي وحقيقي. وقد بدا أن بإمكان ليوميت أن يفيد كثيرًا في هذا الصدد من مواهب ممثلين مثل جون كازال، وسالي بوير، وكارول كين، وتشارلز ديرننج، وكريس ساراندون، أكثر من أي مخرج آخر. فقد عكس أداؤهم إحساسًا حقيقيًا بطرق الاتصال الخفية بين الناس. وهو الأمر الذي يستأثر باهتمام علماء الأنثروبولوجيا اليوم.
ويبدأ الفيلم بافتتاحية صاخبة مضحكة ولكن المزاج يتغير في منتصف الطريق. فبعد مكالمة هاتفية بين الرجل المحُاصر داخل البنك وبين ليون تتحول الكوميديا الزاعقة إلى رثاء ويصبح المجرمان ضحيتين. وفي نظر الناقد ديليس باول فإن الفيلم هو أكثر ما يتذكر من الأفلام المضادة للمؤسسة الاجتماعية. فالجموع في الشارع تحيي سوني المتحدي، والرهائن في البنك تتعاطف مع آسريهما.
وقد كان الفيلم فرصة للكاتب فريدريك بروسات لكي يشخص ما أسماه بالمرض الحقيقي الذي ينهش المجتمع الأميركي وهو تعطش الجمهور الأميركي الهائل لما يوفره له مسرح أحداث غريب وما تلقيه له مؤسسات إعلامية من مواد يريد أن يراها.
توفرت أيضًا متعة المشاهدة بمونتاج ديدي ألن القاطع كحد الشفرة، خاصة في المشهد الذي يحاول فيه أحد أفراد القوات الخاصة اقتحام البنك من الخلف وأيضًا عند مقتل سالي في نهاية الفيلم.
أعزائي المشاهدين
إلى أن نلتقي مساء الأربعاء المقبل على خير إن شاء الله، أرجو لكم جميعا أوقاتا طيبة ومفيدة وممتعة.
شكرًا لكم وإلى اللقاء وتصبحوا على خير.