“الطيور” (1963)
The Birds
حلقة 15/04/1985
أعزائي المشاهدين…مساء الخير…
أحييكم أطيب تحية وأرحب بكم مع حلقة الليلة من برنامج “نادي السينما”…أقدم لكم فيها…أقصد “أعيد تقديم” فيلم هتشكوك الشهير “الطيور”.
أعيد تقديم!…نعم! لعلكم لاحظتم أننا قد أعدنا عرض فيلمين سبق تقديمهما في البرنامج في الأسبوعين الماضيين، ليس فقط بناء على رغبة المشاهدين، ولكن لسبب أساسي هو أننا مازلنا بانتظار وصول الأفلام الممتازة لدورة أبريل والمبرمجة للعرض في “نادي السينما”.
وفي الوقت الذي نستعجل فيه وصول الأفلام نأمل ألا يضطرنا تأخر ورودها غير المتوقع إلى توقف اضطراري…ولكن يصير خير إن شاء الله!
أذكر أنه عندما قدمت الطيور أنني “أشبعته” تقديمًا و”أوسعته” تعليقًا!!
ومع ذلك يظل هذا الفيلم الذي يأتي ترتيبه الحادي والخمسين بين مجموع أفلام المعلم هيتش (!!) الستة والخمسين، فيلمًا خاصًا تطورت فيه نظرته إلى فلسفة وتكنيك الإثارة.
سأخلي مكاني الآن لأقدم لكم معلم الإثارة ألفريد هتشكوك كأفضل من يقدم لنا فيلمه وأفضل من يعلق لنا عليه فيما بعد.
هتشكوك سيحاوره المخرج الفرنسي الكبير الراحل فرنسوا تروفو في الكتاب الذي أصدره الأخير منذ نحو عشرين عامًا.
سأله تروفو: “هل قمت بدراسة مبدئية قبيل تنفيذ الفيلم لضمان الكيفية التي ستتناول بها فنيًا (تقنيًا) تقديم الطيور؟”
أجاب هتشكوك: “لا مطلقًا!! بكل تأكيد! بل إن ذلك لم يخطر ببالي قط، لقد قلت: “حسناً أهذه هي المهمة؟ فلأقم بها”، ولكن أعتقد أن القصة كانت تتحدث عن الطيور الجارحة وعن الكواسر، ولم أرد ذلك، فإن ما استهواني في الأساس هو التعامل مع الطيور العادية التي نلتقي بها كل يوم، هل رأيت ما أعنيه؟”
علّق تروفو: “وقد وجدتها أنت فرصة لكي تطبق قاعدتك القديمة بالانتقال من الصغير إلى الكبير، في الفكر وفي الإحساس التشكيلي أيضاً، فماذا ستفعل للعصافير الصغيرة الرقيقة التي تفقأ عيون البشر؟ وهل فكرت في إخراج فيلم عن أزهار ذات عبير مميت؟”
هتشكوك: “ربما أنتجنا شيئًا أفضل بزهور أكله للبشر”
تروفو: “منذ عام 1945 والقنبلة الذرية تمثل التهديد النهائي للإنسانية، ولهذا فلعله من غير المريح أن نوحي بأن نهاية العالم قد تأتي بسبب بضعة آلاف من العصافير”
هتشكوك: “هذا هو ما يعكسه موقف صاحبة محل الطيور العجوز، فهي امرأة رجعية شكاكة أو شديدة المحافظة إلى درجة لا تسمح لها بالاعتراف بأن الطيور يمكن أن تجلب كارثة من هذا النوع”
تروفو: “لقد فهمت أن الكاتب دافن دي مورييه قد استوحى إلهامه عند كتابة القصة من حادثة حقيقية لهجوم لطيور النورس”
هتشكوك: “هذا صحيح فهذه الأمور تحدث من آن لآخر ويعزى ذلك أحيانًا إلى مرض يصيب الطيور أو نوع من الوباء، ولكن ألا تعتقد أنه سيكون من المفزع تصوير ذلك في فيلم؟”
تروفو: “لا أعرف ولكنني واثق أنه سيكون من المثير مشاهدة هذه التجربة”
هتشكوك: “حينما كنت أصور في خليج بوديجا نشر خبر في صحيفة تصدر في سان فرانسيسكو مفاده أن غربانًا قد هاجمت بعض الحملان الصغيرة والعجيب أن ذلك قد دار في نفس المكان الذي كنا نصور فيه، وقد التقيت بمزارع شرح لي بالتفصيل كيف أنقضت الغربان على حملانه لتفتك بها، ومن هنا استوحيت فكرة الرجل المفقوء العينين.
يبدأ الفيلم بشخصيتين رئيسيتين في سان فرانسيسكو ثم أخذناهما إلى خليج بوديجا، وقد قمنا ببناء المنزل والمزرعة نسخة مطابقة للأبنية المحيطة”
وأنتقل تروفو إل نقطة أخرى قائلًا:
“إن ثمة عيبًا مميزًا في نوع الأفلام التي تصنعها فبالرغم من أن أناسًا كثيرين يستمتعون بها إلّا أنهم يرفضون الاعتراف بأنهم قد ذهلوا أو بوغتوا بها، ويختلط الإعجاب لديهم بنوع من النفور أو الرفض كما لو كانوا متحاملين عليك بسبب المتعة التي منحتها إياهم”
وعلق هتشكوك: “بالطبع فهم يدلفون إلى دور العرض ويجلسون قائلين: “حسنًا هيا أرنا الآن! وهم يريدون أن يسبقوا الحدث بخطوة واحدة…يقولون” آه الآن نعرف ما سيحدث!…”وأنا أقبل التحدي.
“حسنًا إنكم تعرفون ما سيحدث هيه!… سنرى الآن! وفي فيلم “الطيور” حرصت على ألّا يتمكن الجمهور من التوقع من مشهد إلى مشهد آخر”.
وهذا هو ما سيحدث حين نشاهد الفيلم.
شكراً لكم.
عرض الفيلم